عن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي
البصري قال: جَاءَنَا مَالِكُ بْنُ الحُوَيْرِثِ - فِي مَسْجِدِنَا هَذَا -
فَقَالَ: إِنِّي لَأُصَلِّي بِكُمْ وَمَا أُرِيدُ الصَّلاَةَ، أُصَلِّي كَيْفَ
رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي، فَقُلْتُ لأَِبِي قِلاَبَةَ:
كَيْفَ كَانَ يُصَلِّي؟ فَقَالَ: مِثْلَ صَلاَةِ شَيْخِنَا هَذَا، وَكَانَ
يَجْلِسُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ، قَبْلَ أَنْ يَنْهَضَ ([1]).
أراد بشيخهم أبا بريد عمرو بن سلمة الجرمي
ويقال أبو زيد.
مالك بن الحويرث
صحابي، وهو الذي جاء مع الفتية الذين قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم لطلب
العلم، ومكثوا عنده شهرًا يتعلمون من الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم رآهم يحنون
إلى أهليهم وأوطانهم، وكان صلى الله عليه وسلم رحيمًا بالأمة، فأذن لهم في الرجوع
إلى أهلهم، وقال: «ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ، فَأَقِيمُوا فِيهِمْ
وَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ، -وَذَكَرَ أَشْيَاءَ أَحْفَظُهَا أَوْ لاَ
أَحْفَظُهَا-، وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، فَإِذَا حَضَرَتِ
الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» ([2])، هذا مالك بن
الحويرث رضي الله عنه. وكان أتى إلى أهل المسجد هذا، وعلمهم صفة صلاة النبي صلى
الله عليه وسلم: «جَاءَنَا مَالِكُ بْنُ الحُوَيْرِثِ - فِي مَسْجِدِنَا هَذَا
- فَقَالَ: إِنِّي لَأُصَلِّي بِكُمْ وَمَا أُرِيدُ الصَّلاَةَ»؛ يعني: وما
قصدي الإمامة، وإنما قصدي تعليمكم الصلاة.
«أُصَلِّي كَيْفَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي»، هذا فيه حرص الصحابة على الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا عملاً بقوله تعالى: ﴿لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ﴾ [الأحزاب: 21]، وفيه العمل بالسنة العملية؛ لأن السنة هي: ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول، أو فعل، أو تقرير، فالفعل هو السنة العملية.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (677).