عن جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال لمعاذ: «فَلَوْلاَ صَلَّيْتَ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ، وَالشَّمْسِ
وَضُحَاهَا، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَرَاءَكَ الكَبِيرُ
وَالضَّعِيفُ وَذُو الحَاجَةِ»([1]).
فهذا فيه فضل سورة
الإخلاص، وسميت بالإخلاص؛ لأنها أخلصت بالتوحيد.
المسألة الثالثة: فيه إثبات صفة
الرحمن عز وجل، إثبات الصفات لله عز وجل، التي ينكرها أهل الضلال، وإثبات الأسماء
له جل وعلا، وهو ما ينكره أهل الضلال من الجهمية والمعتزلة وأضرابهم.
معاذ رضي الله عنه كان يصلي بقومه، معاذ الصحابي الجليل، العالم الزاهد، التقي، الذي هو أفضل علماء الصحابة رضي الله عنهم، كان يصلي بأصحابه، وكان يحب القرآن، ويحب تلاوة القرآن، ولكنه من محبته لتلاوة القرآن كان يطيل القراءة في الصلاة، شق عليهم، وذلك أنه في صلاة العشاء قرأ بسورة البقرة، وجاء رجل معه نواضحه - أي: الإبل التي يثني عليها -، فأوقفها وجاء، ودخل في الصلاة، فلما رأى أن معاذًا يستمر في القراءة، خشي على نواضحه أن تضيع، فنوى الانفراد، انفرد، وأكمل صلاته، ثم سلم، ثم ذهب إلى نواضحه، فلما بلغ معاذًا رضي الله عنه أنكر عليه، وبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فاستدعى معاذا، ووبخه، مع فضله ومكانته وبخه النبي صلى الله عليه وسلم، وأنكر عليه، وقال: «يَا مُعَاذُ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ»، وفي رواية أخرى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (705)، ومسلم رقم (465).