عن عائشة رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ
الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَ رَجُلاً عَلَى سَرِيَّةٍ، فَكَانَ يَقْرَأُ
لأَِصْحَابِهِ فِي صَلاَتِهِمْ فَيَخْتِمُ بـ ﴿قُلۡ
هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 1]، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ
اللَّهُ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «سَلُوهُ، لأَِيِّ شَيْءٍ صَنَعَ ذَلِكَ؟»
فَسَأَلُوهُ فَقَالَ: لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ عز وجل، فَأَنَا أُحِبُّ أَنَّ
أَقْرَأَ بِهَا. فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَخْبِرُوهُ أَنَّ
اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّهُ»([1]).
هذا حديث عظيم، فيه أن هذا الأمير على السرية، الذي أمره النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بهم؛ وكما هو المعروف أن القائد والأمير هو الذي يصلي إمامًا، معهم، وكان يصلي بهم، وكان يقرأ من القرآن، ويختم القراءة بقراءة سورة الإخلاص في كل ركعة، يكررها، يقرأ سورة بعد الفاتحة، ثم يقرأ بعدها: ﴿قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 1] قبل الركوع، فتعجب الصحابة من هذا العمل، لكنهم لم ينكروا عليه، بل صبروا حتى جاءوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فأخبروه، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: ««سَلُوهُ، لأَِيِّ شَيْءٍ صَنَعَ ذَلِكَ؟» فقال: لأنها -أي: سورة الإخلاص- صفة الرحمن»؛ لأن الله وصف فيها نفسه بصفات الكمال، ونزه نفسه عن صفات النقص، فهي مشتملة على النفي والإثبات: ﴿قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 1]، هذا إثبات، ﴿ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ﴾ [الإخلاص: 2]، هذا إثبات، ﴿لَمۡ يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ ٣ وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ﴾ [الإخلاص: 3- 4]، هذا نفي، فهي جمعت بين النفي أي: نفي النقائص عن الله وإثبات الكمال له سبحانه وتعالى؛