×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

والنوع الثالث: ظلم العبد لنفسه بالمعاصي، يظلم نفسه بأي شيء؟ بالمعاصي، لماذا؟ لأنه وضعها في غير موضعها، عرضها لعذاب الله، فهو وضع نفسه في غير موضعها، وظلمها، وهذا أيضًا يمحوه الاستغفار والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى وهو المقصود في هذا الحديث: «ظَلَمْتُ نَفْسِي»، ظلمتها بأي شيء؟ بالمخالفات والمعاصي، فالإنسان إذا أذنب أو عصى، فإنه إنما يظلم نفسه، ولا يضر الله شيئًا، وإنما يضر نفسه، «ظَلَمْتُ نَفْسِي»، فإذا كان أبو بكر رضي الله عنه صِدِّيق هذه الأمة وأفضل الأمة يقول: «ظَلَمْتُ نَفْسِي»؛ يعني بالذنوب والمعاصي، فكيف بنا نحن؟! ولكن الإنسان لا يزكي نفسه، بل يعتبر نفسه مقصرًا ومخطئًا، يعني: لم يَفِ بحق الله عليه، مهما كان، فهو مقصر في طاعة الله عز وجل، ولا يسلم أيضًا من الأخطاء والمخالفات.

فهذا فيه أن الإنسان لا يزكي نفسه، فهذا أبو بكر الصديق يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم علمه أن يقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا» وليس ظلمًا يسيرًا، بل قال: «ظُلْمًا كَثِيرًا»، وفي رواية: «كَبِيرًا»([1])، نعم الإنسان يظلم نفسه ظلمًا كثيرًا وظلمًا كبيرًا. إذا تأمل الإنسان أعماله، فإنه يجد أنه قد وقع في معاصٍ كبيرة ومخالفات؛ تقصيرًا في حق الله سبحانه وتعالى، لو حاسبت نفسك حق المحاسبة، وأنصفت من نفسك، لوجدت أنك قد ظلمتها ظلمًا كثيرًا، ثم اعترف بأنه لا يغفر الذنوب إلاَّ الله سبحانه وتعالى، «وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاَّ أَنْتَ»، هذا توسل إلى الله جل وعلا،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (4967)، ومسلم رقم (484).