×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

محل الشاهد للباب، جاء فقراء المسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: «يَا رَسُولَ الله ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ»؛ يعني: أهل الثروة والمال، «ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى، وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ»، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَمَا ذَاكَ؟»، وما السبب، فهذا فيه أن المفتي يستفصل من المستفتي، حتى يبين له الحكم بوضوح، وشرحوا له السبب، قالوا: «يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ»؛ لأن هذه العبادات ما تحتاج إلى مال، يتساوى فيها الغني والفقير، الصيام والصلاة يتساوى فيها الغني والفقير، وهذا من تيسير الله لهذه الأمة، وتيسير الخير للناس أن هناك عبادات ميسرة لا تحتاج إلى مال.

«وَيَتَصَدَّقُونَ وَلاَ نَتَصَدَّقُ، وَيُعْتِقُونَ وَلاَ نُعْتِقُ»، هذه الميزة التي امتاز بها الأغنياء، أنهم يتصدقون من أموالهم، والفقير ما يستطيع أن يتصدق، ويعتقون العبيد، ويحررونهم من الرق، العتق فيه فضل عظيم، من أعتق رقيقًا وحرره، فهذا من أفضل العبادات والقربات، وقد شرع الله العتق في الكفارات، وحث عليه: ﴿فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ [المجادلة: 3]؛ يعني: إعتاق، فالعتق فيه فضل عظيم.

«فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَفَلاَ أُعَلِّمُكُمْ شَيْئًا تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبَقَكُمْ وَتَسْبِقُونَ مَنْ بَعْدَكُمْ؟ وَلاَ يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ إلاَّ مَنْ صَنَعَ مَا صَنَعْتُمْ» قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولُ الله». فرحوا بذلك، شيء لا يكلفهم المال، ومع هذا يلحقون به من سبقهم، ويسبقون به من بعدهم، هذا فضل عظيم، قال صلى الله عليه وسلم: «تُسَبِّحُونَ، وَتُكَبِّرُونَ، وَتَحْمَدُونَ، دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ مَرَّةً»، فهذا فيه فضل الذكر بعد الصلاة،


الشرح