والنبي صلى الله
عليه وسلم كان يخطب خطبتين، و«كان» تفيد الاستمرار، وقال: «صَلُّوا
كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»([1])، ولم يرد أنه اقتصر
على خطبة واحدة، بل كان يفصل بينهما؛ حتى ما يقال: إنه خطب خطبة واحدة.
قوله: «يَفْصِلُ
بَيْنَهُمَا»، هذا دليل على الخطبتين، وقد بلغنا أن بعض الجهال المتعالمين
يقتصر على خطبة واحدة في الجمعة، وهذا تبطل صلاته وصلاة الحاضرين، يتحملهم هو -ولا
حول ولا قوة إلاَّ بالله-، وهذا نتيجة التعالم والجهل، فالإنسان يتقي الله عز وجل،
ولا يقدم على شيء دون أن يكون متحققًا من مشروعيته وثبوته عن الرسول صلى الله عليه
وسلم، لكن ربما يحمل بعض المتعالمين على هذه الشذوذات إظهار أنفسهم أنهم علماء،
وأنهم، وأنهم، ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله!
المسألة الثانية: في الحديث دليل على
الفصل بين الخطبتين بالجلوس، وأنه لا يواصل الخطبتين، بل يفصل بينهما بجلوس، ولم
يحدد الجلوس، يجلس للاستراحة بدون تحديد.
المسألة الثالثة: فيه أنه يستحب أن يكون الخطيب قائما؛ كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائما؛ لأن هذا أبلغ في الإعلان، والحاضرون يرونه، فلو خطب جالسًا، صحت الخطبة، لا سيما إذا احتاج إلى الجلوس؛ كأن يكون مريضًا أو ثقيلاً، فلا بأس أن يخطب جالسًا؛ كما كان معاوية رضي الله عنه يخطب جالسًا، لما ثقل، فالأصل القيام، وهو السنة، فإذا احتاج إلى القعود، فلا بأس.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (631)، ومسلم رقم (674).