×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

 وحفظ الأعراض، وسلامة الأنساب، والبقاء على الحياء والحشمة، فهو أمر به لما فيه من المصالح، ونهى عن الزنى لما فيه من المفاسد، مع أن هذا جماع، وهذا جماع، انظر - سبحان الله! - هذا جماع، وهذا جماع، لكن هذا جماع فاحش، وفيه مفاسد عظيمة، وهذا جماع فيه مصالح، وفيه خير وطهارة وعفة، انظر الفرق بين ما أمر الله به وما نهى عنه، في كل الأوامر والنواهي لا يأمر - سبحانه - إلاَّ بما فيه مصلحة للعباد، ولا ينهى إلاَّ عن ما فيه مضرة للعباد عاجلاً وآجلاً، سواء علموها أو لم يعلموها: ﴿وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةٗ وَسَآءَ سَبِيلٗا [الإسراء: 32].

وفي هذا الحديث: «مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ الله»، هذا فيه وصف الله جل وعلا بالغيرة لمحارمه، وأنه - سبحانه - يغار أشد الغيرة على محارمه إذا انتهكت، وأنه يعاقب أشد العقوبة، فهذا فيه التخويف للعباد من مخالفة أوامر الله وارتكاب ما حرم الله؛ لأن هذا يغضب الله عز وجل، ويغار الله جل وعلا منه.

ثم قال صلى الله عليه وسلم: «وَالله لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلبَكَيْتُمْ كَثِيرًا»، الله أطلع نبيه صلى الله عليه وسلم على أشياء لم يطلعنا عليها، ولو أطلعنا عليها، لما تلذذنا بالأكل والشراب والعيش والضحك، ولأكثرنا من البكاء، فهذا إخبار منه صلى الله عليه وسلم أن الأمر عظيم، ولكن الله حجب عنا علمه رحمة بنا؛ من أجل أن نأكل ونشرب ونستريح في هذه الحياة، ولو أنه أطلعنا عليه، لما تلذذنا بعيش، وما تلذذنا براحة.


الشرح