عقيدة باطلة، وأن الكسوف إنما يحصل تخويفًا
للناس: «آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ»؛ لقوله تعالى: ﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِ ٱلَّيۡلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُۚ لَا
تَسۡجُدُواْ لِلشَّمۡسِ وَلَا لِلۡقَمَرِ وَٱسۡجُدُواْۤ لِلَّهِۤ ٱلَّذِي
خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ﴾ [فصلت: 37]، ففي هذا إبطال
الاعتقاد في الشمس والقمر والنجوم، وأنها ليس لها من الأمر شيء، وأن الأمر بيد
الله سبحانه وتعالى، وبناء على ما كان من الاعتقاد في الجاهلية صادف أن الشمس كسفت
يوم مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم، إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه
وسلم من مارية القبطية مات وهو طفل صغير، فكسفت الشمس في هذا اليوم، فظن الناس أن
كسوفها بسبب موت إبراهيم، وقالوا: كسفت الشمس لموت إبراهيم. فأعلن صلى الله عليه
وسلم بطلان هذا الاعتقاد، وأنها لا تنكسف لموت أحد، ولا لحياته، وإنما هذا الكسوف
آية من آيات الله، يخوف الله بها عباده.
وفيه بطلان عبادة الشمس والقمر؛ لأن الكسوف دليل على أنهما مخلوقان، إذا جرى عليهما التغيير، فهذا دليل على بطلان عبادتها، وأنها مخلوقة يجري عليها التغيير والقضاء والقدر، فلا تستحق شيئًا من العبادة، وإنما العبادة لله، ولهذا قال: ﴿لَا تَسۡجُدُواْ لِلشَّمۡسِ وَلَا لِلۡقَمَرِ وَٱسۡجُدُواْۤ لِلَّهِۤ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ﴾ [فصلت: 37]، فهذا فيه بيان التوحيد والنهي عن الشرك، وإبطال عقائد الجاهلية، وإعلان ذلك للناس عند المناسبة؛ لأجل تصحيح العقيدة ونفي الأوهام الخرافية عن الناس.