إذا كان القصد من الإعلان وفاة الميت هذه
الأمور، فهذا مستحب، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي؛ يعني: أخبر أصحابه
بموته؛ من أجل أن يدعوا له، ويصلوا عليه، والنجاشي ملك الحبشة، النجاشي لقب لكل من
ملك الحبشة، يقال له: النجاشي، كما أن من ملك مصر يقال له: فرعون، وملك الروم يقال
له: الهرقل، أو قيصر، ومن ملك الفرس يقال له: كسرى، والأكاسرة ملوك الفرس،
والقياصرة ملوك الروم، هذه ألقاب معروفة عند الناس، والنجاشي كان نصرانيًا، وكان
رجلاً عادلاً، ولما ضغط المشركون على المسلمين في مكة، وشددوا عليهم، أمرهم النبي
صلى الله عليه وسلم أن يهاجروا إلى الحبشة، وقال: «إِنَّ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ
مَلِكًا لاَ يُظْلَمُ أَحَدٌ عِنْدَهُ»([1])، يعني: النجاشي،
فهاجروا عنده، واستقبلهم، وأكرمهم، ثم إنه سمع منهم القرآن، فشهد أنه من عند الله،
وأنه هو والتوراة خرجوا من مشكاة واحدة، فأسلم، وحسن إسلامه رحمه الله، فيعد من
التابعين؛ لأنه لم ير النبي صلى الله عليه وسلم، بل آمن به، ولم يره، فيكون من
التابعين، لا من الصحابة.
وفي الحديث: الصلاة على الغائب، وهي محل خلاف بين العلماء، فمن العلماء من يرى: الصلاة على الغائب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي، ومن العلماء من يرى: أنها لا تصلح الصلاة على الغائب؛ لأنه كان يموت خلق كثير من الصحابة في البلدان، ولم يصل عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، ومن العلماء من يقول: إذا كان الميت في أرض لم يصل
([1]) أخرجه: البيهقي رقم (17734).