×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

«وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ»، لا تغطوا رأسه؛ لأن المحرم الذكر لا يغطى رأسه لا حيًا ولا ميتًا؛ لأنه محرم.

 «وفي روايةٍ: «وَلاَ تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَلاَ رَأْسَهُ»»، أخذ بعض العلماء أن المحرم أيضًا لا يغطي وجهه، ولكن الظاهر - والله أعلم - يجب أنه عدم تغطية وجه الميت المحرم؛ لأنه إذا غطى وجهه، غطى رأسه، فهذا تجنب لتغطية الرأس من باب منع الوسائل، ثم علل ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم - يعني: لماذا يكفن في ثياب الإحرام، ولا يكفن في غيرها؟ لماذا لا يمس الطيب؟ لماذا لا يخمر رأسه؟ - قال: «فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا»؛ يعني: أنه باقٍ في إحرامه وهو ميت، ثم يوم القيامة يقوم من قبره على هذه الحالة، يلبي كما يلبي المحرم، فهذا الحديث فيه فوائد:

أولاً: في أن المحرم إذا مات يعامل معاملة المحرم، فيجنب محظورات الإحرام؛ كما لو كان حيًا، ولا يلبس المخيط، وإنما يكفن في ثياب الإحرام.

ثانيًا: فيه أنه لا تقضى عنه المناسك، إذا مات في أثناء الإحرام، فإنه يبقى فيها، ولا تقضي عنه، ولا يكمل عنه الحج أو العمرة، لا يناب عنه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا»، ولم يأمر أحدًا أن يقضي عنه بقية المناسك.

ثالثًا: استدلوا به على أن تكفين الميت مقدم في تركته على الدين وعلى الإرث، وعلى الوصية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأل، فلم يقل: هل عليه دين؟ وإنما قال: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ»، فدل


الشرح