أو بحجارة، أو بتراب أكثر من ترابه، يرفع ليتنبه
الناس، هذا مشرف يعني: مرتفع، فيسوى، ويجعل مثل القبور، بحيث ما يعرف من بين
القبور، ولا يلفت النظر، «أَنْ لاَ تَدَعَ تِمْثَالاً إلاَّ طَمَسْتَهُ وَلاَ
قَبْرًا مُشْرِفًا إلاَّ سَوَّيْتَهُ»، وهذا هو الواقع في هذا الحديث، فيه
صور، وفيه رفع القبر، «بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، ثُمَّ صَوَّرُوا
فِيهِ تِلْكِ الصُّوَرَ»، هذا هو الذي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بإزالته،
أمر بطمس الصور، وأمر بهدم القبر المبني.
«أُولَئِكِ شِرَارُ
الخَلْقِ عِنْدَ الله»، فدل على أن الذي يصور الصور أنه من شرار الخلق، وإن
كان يقول: هذا فن، أو هذه ذكريات، أو مآثر للعظماء. فهو شر الخلق، ليس هناك أشر
منه - والعياذ بالله -، شر الخلق بشهادة الرسول صلى الله عليه وسلم.
«أُولَئِكِ شِرَارُ
الخَلْقِ عِنْدَ الله»، فالمصور من شرار الخلق، والذي يبني على القبور هذا من
شرار الخلق، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُمُ
السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءٌ، وَالَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ»
([1])، فالمصور والذي
يبني على القبور هذا من شرار الخلق والخليقة، - ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله! -؛
لأنه عمل جريمتين عظيمتين، يتوصل بهما إلى عبادة غير الله عز وجل.
«أُولَئِكِ شِرَارُ الخَلْقِ»؛ يعني: لا أشر منهم، شرار جمع شرير؛ يعني: لا أشر منهم عند الله عز وجل، وإن كانوا عند الناس أنهم محسنون،