×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ: «لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» قَالَتْ: وَلَوْلاَ ذَاكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ، غَيْرَ أَنَّهُ خُشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا([1]).

 

وأنهم أهل فن، المصور يسمونه صاحب فن، والذي يبني على القبر يقولون: هذا يحب الصالحين، ويعظم الصالحين، فهو عند الناس له مكانة، لكن هو عند الله من شرار الخلق.

وهذا حديث عظيم مثل الحديث الذي قبله، وجزى الله المؤلف خير الجزاء؛ حيث ذكره هنا، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مرض مرضه الذي لم يقم منه، بل مات صلى الله عليه وسلم، والنبي بشر، يموت، يمرض ويموت، ليس هو من غير جنس البشر؛ كما يقوله الخرافيون، النبي صلى الله عليه وسلم بشر، يمرض، ويموت، ويجوع، ويتعب، ويؤذى؛ لأنه بشر، وإنما فضله الله عز وجل بالرسالة والنبوة، أما من ناحية الأصل، فهو بشر يصيبه ما يصيب البشر، وهو أفضل الخلق صلى الله عليه وسلم، فالذين يغلون في النبي، ويقولون: ما مات، يغلون في النبي الآن، يقولون: ما مات، وإنما غاب - ويأتي -، ويقولون: إنه يحضر حفلاتهم وتجمعاتهم، يحضرها، ويقومون له إذا جاء بزعمهم، فهذا كله من الكذب والافتراء، الرسول ميت صلى الله عليه وسلم، وقد مات: ولذلك قال الله جل وعلا: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٞ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُۚ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوۡ قُتِلَ ٱنقَلَبۡتُمۡ عَلَىٰٓ أَعۡقَٰبِكُمۡۚ [آل عمران: 144]، ولما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحصل بالناس مصيبة،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1330)، ومسلم رقم (529).