×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ»([1]).

 

وهذا أيضًا تابع للجنائز والأموات، عرفنا ما يشرع عند دفنهم وقبورهم، وأنها تصان عن الغلو وعن الامتهان، وكذلك لا يجوز الجزع والنياحة على الميت، بل يجب الصبر والاحتساب، والموت لا بد منه، كتبه الله على العباد: ﴿كُلُّ نَفۡسٖ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِۖ ثُمَّ إِلَيۡنَا تُرۡجَعُونَ [العنكبوت: 57]، سنة الله جل وعلا في خلقه، ويجب على أقارب الميت وعلى أحبابه أن يصبروا ويحتسبوا، قال تعالى: ﴿وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ وَنَقۡصٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ ١٥٥ ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتۡهُم مُّصِيبَةٞ قَالُوٓاْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ ١٥٦ أُوْلَٰٓئِكَ عَلَيۡهِمۡ صَلَوَٰتٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَرَحۡمَةٞۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُهۡتَدُونَ [البقرة: 155- 157]، فالذي يجزع عند وفاة ميته يصاب بعقوبتين، عقوبة الجزع والتسخط، والثانية: أن ميته راح، وليس براجع، فهو خسر قريبه، وخسر الأجر والثواب، أما الذي يصبر ويحتسب، فهذا الله جل وعلا يأجره ويعوضه، ويخلف عليه خيرًا من مصيبته، ﴿وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ وَنَقۡصٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ ١٥٥ ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتۡهُم مُّصِيبَةٞ قَالُوٓاْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ [البقرة: 155- 156] أما الجاهلية، والجاهلية المراد بها: ما كان قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، سميت بالجاهلية؛ لأن ليس فيها كتاب ولا علم، اندرست الرسالات السابقة؛ لبعد ما بينها وبين بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1297)، ومسلم رقم (103).