×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

 آخر أنبياء بني إسرائيل هو عيسى عليه السلام، وبينه وبين محمد صلى الله عليه وسلم فترة طويلة، تزيد على ستمائة سنة، اندرست في هذه المدة آثار الرسالات، وفشا الجهل، وليس هناك كتاب يرجعون إليه، والتوراة والإنجيل حُرِّفَتَا وغُيِّرَتا، ولم يبق شيء إلى أن تدارك الله الخليقة ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وأنزل الله عليه القرآن والسنة، فزال الجهل العام - ولله الحمد -، فبعد بعثته صلى الله عليه وسلم زالت الجاهلية العامة؛ لأن عندنا - ولله الحمد - الكتاب، وعندنا السنة، فعندنا العلم، الجاهلية العامة زالت، أما أن يكون في بعض الناس جاهلية، هذا موجود، فقد يكون في بعض الناس جاهلية، أو في بعض البلدان، أو في بعض القبائل جاهلية جزئية، نعم يوجد، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، لاَ يَتْرُكُونَهُنَّ: الْفَخْرُ بِالأَْحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الأَْنْسَابِ، وَالاْسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ، وَالنِّيَاحَةُ»([1]) فيبقى شيء من أمور الجاهلية في بعض الناس، أما الجاهلية العامة، فقد زالت ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وجاء العلم بالقرآن والسنة، فالذي يقول: إن الناس في جاهلية؛ هذا جاهل وما يدري، هذا هو الذي في جاهلية، الناس ليسوا في جاهلية كلهم، وإنما بعضهم يمكن، وأما كلهم يقال: في جاهلية؛ هذا خطأ وغلط، ليس بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم جاهلية عامة أبدًا، وقوله صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا»، هذه براءة من الرسول صلى الله عليه وسلم تدل على شناعة من يفعل هذه الأشياء التي ذكرها في هذا الحديث.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (934).