المصلحتان: مصلحة
دفع الأذى عن الأموات، وحصل سد وسائل الشرك عن الأمة، وهدي الإسلام دائمًا هو
الوسط والاعتدال - ولله الحمد - في جميع الأمور.
فالنصارى من عادتهم أنهم يغلون في الأموات، حتى يؤول بهم الأمر إلى الشرك وعبادة غير الله، وهذا معلوم عنهم، وكذلك من قلدهم من المنتسبين إلى الإسلام الذين يغلون في قبور الأنبياء والصالحين والأولياء، يغلون فيها بالفعل؛ بأن يبنوا عليها، ويكتبوا عليها، ويجصصوها، ويزخرفوها، ويضعوا عليها الستائر، فقلدوا بذلك النصارى، ووقعوا في الشرك؛ كما وقعت النصارى، وهذا الحديث فيه ذكر شيء من أفعال النصارى؛ لأن الحبشة نصارى، وكانت أم حبيبة بنت أبي سفيان أم المؤمنين رضي الله عنها ممن هاجر إلى الحبشة، وكذلك أم سلمة أم المؤمنين - أيضًا - كانت ممن هاجر إلى الحبشة، ورأتا ما يصنعه النصارى بالقبور من الغلو، فذكرتا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو مريض يشتكي في مرض موته، وهذا أيضًا في غاية المناسبة، من تيسير الله لهذه الأمة أن هاتين الصحابيتين ذكرتا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وهو في المرض؛ خشية أن يُغالى في قبره صلى الله عليه وسلم؛ كما عند النصارى، فجزاهما الله عن الإسلام والمسلمين خيرًا على ما ذكرتا في هذه المناسبة، فإن ذلك في غاية الحكمة، ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها في أرض الحبشة، والكنيسة هي معبد النصارى، والبيعة هي معبد اليهود في الغالب، والصومعة الصوامع للرهبان من النصارى، والصلوات عامة في ديانة