«ثُمَّ
صَوَّرُوا فِيهِ تِلْكِ الصُّوَرَ»، فجمعوا بين جريمتين: جريمة التصوير، وجريمة
البناء على القبر، وكلاهما جريمة عظيمة، والتصوير محرم، تصوير ذوات الأرواح محرم
وشديد التحريم، ملعون المصور، والمصور من أشد الناس عذابًا يوم القيامة، فالتصوير
كبيرة من كبائر الذنوب؛ لأنه يجمع بين علتين:
العلة الأولى: أنه وسيلة إلى
الشرك، وما كان وسيلة إلى الحرام، فهو حرام، فهذه الصور إذا علقت، فإنها تعبد، ولو
على المدى البعيد؛ كما حصل لقوم نوح، لما علقوا صور الصالحين، وذهب الزمان الأول،
وجاء جيل آخر من الجهلة، عبدوا هذه الصور، فتعليق الصور وسيلة إلى الشرك، ولا
يقال: إن الناس يعرفون التوحيد، والناس...، يقال: هذا محرم؛ لأنه يؤول إلى الشرك،
ولو على المدى البعيد، فلا يتهاون به، ولا يفتح هذا الباب، هذه علة.
العلة الثانية: أن فيه مضاهاة لخلق الله، المصور يحاول أن يتشبه بخلق الله، ويوجد جسمًا له أعضاء، وله عينان، وله أنف، وله وجه، وله يدان؛ يعني: يقلد ما خلقه الله جل وعلا، فيؤذي الله عز وجل قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابٗا مُّهِينٗا﴾ [الأحزاب: 57]، قيل: هذه الآية نزلت في المصورين، فالمصور يؤذي الله عز وجل، ويضاهي خلق الله، جريمته من أشد الجرائم، والتصوير حرام لهاتين العلتين العظيمتين: أنه وسيلة إلى الشرك، وما حصل الشرك إلاَّ بسبب الصور، فقوم نوح وقعوا في الشرك بسبب الصور،