«فَإِيَّاكَ
وَكَرَائِمَ»؛ أي: نفائس، الكريمة هي النفسية؛ يعني: لا تأخذ النفائس من أموالهم؛
كالحامل من الدواب، أو الفحل - فحل الإبل، أو فحل الغنم -، هذه من النفائس، وإنما
تؤخذ من المتوسط، الذي بين الرديء وبين الجيد، إلاَّ إذا سمح صاحب المال بالجيد؛
فهذا خير له، وإذا لم يسمح، فلا يلزمه ذلك، ففي أخذ الجيد من غير طيب نفس المزكي
إجحاف به، وفي أخذ الرديء إضرار بالمحتاجين، والدين - ولله الحمد - دين الوسط
والاعتدال، فيدفع في الزكاة من المتوسط من جميع الأموال، أي: يؤخذ المتوسط، «فَإِيَّاكَ
وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ»، وما يقول: أنا ولي أمر. لا، ما تأخذ أموال الناس
بغير رضاهم، وإن كنت ولي أمر، ما تأخذ إلاَّ ما أذن الله بأخذه وأمرك به.
«فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ»، ثم أكد ذلك، فقال: «واتق دعوة المظلوم»، فإن أخذ الكرائم بدون رضا صاحبها ظلم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ»؛ أي: تجنبها، والسبب في ذلك أن دعوة المظلوم مستجابة، حتى ولو كان كافرًا، المظلوم تستجاب دعوته، ولو كان كافرًا؛ لأن الظلم لا يجوز، الله جل وعلا يقول: «يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلاَ تَظَالَمُوا»([1])، الظلم لا يجوز؛ كما أن دعاء المضطر يقبل، ولو كان الداعي كافرًا، دعاء المضطر يستجاب، ودعاء المظلوم يستجاب عند الله سبحانه وتعالى، «وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الله حِجَابٌ»،
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2577).