دعوته تصل إلى الله جل وعلا، ويستجيب الله
للمظلوم، وهذا عام في الزكاة وفي غيرها، فلا يجوز الظلم بحال من الأحوال في جميع
الأمور، وأن الظالم معرض للعقوبة، ومعرض لدعوات المظلومين، والله يستجيب دعوات
المظلومين؛ لأنه - سبحانه - حكم عدل، لا يرضى بالظلم، ولا يقر الظلم سبحانه وتعالى،
فهذا فيه: أن ولاة الأمور يجب عليهم العدل، ويحرم عليهم الظلم، والعدل واجب على
الجميع في كل من ولي ولاية؛ فعلى الوالي أن يعدل، وأن يتجنب الظلم.
يبقى سؤال حول هذا
الحديث، وهو سؤال مشهور: لماذا اقتصر النبي صلى الله عليه وسلم على ثلاثة أركان
فقط، وهي: الشهادتان، والصلاة، والزكاة، ولم يذكر بقية الأركان، وهي الصيام والحج؟
أجيب عن هذا بعدة أجوبة، ذكرها الشراح، فمنهم من يقول: إن الرسول صلى الله عليه
وسلم اقتصر على الأركان، التي يقاتل من امتنع منها، حيث إن من امتنع من التوحيد
يقاتل: ﴿فَٱقۡتُلُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ حَيۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡ﴾ [التوبة: 5]، ﴿وَقَٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ
كُلُّهُۥ لِلَّهِۚ﴾ [الأنفال: 39]، ويقاتل من جحد الصلاة، ولم
يقر بها، ويقاتل من منع الزكاة؛ كما قاتل أبو بكر الصديق رضي الله عنه مانعي
الزكاة، فالرسول اقتصر على الأركان التي يقاتل من امتنع منها.
بعض العلماء يقول: الرسول صلى الله عليه وسلم اقتصر على هذه الثلاثة؛ لأن من أداها، أدى غيرها من باب أولى، من شهد أن لا إله إلاَّ الله، وأن محمدًا رسول الله، وحافظ على الصلاة، وأدى الزكاة، فإنه يحافظ على بقية الأركان من باب أولى، فإن الله جل وعلا يقول: ﴿وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَۖ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۗ﴾ [العنكبوت: 45].