×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

«حِينَ بَعَثَهُ إِلَى اليَمَنِ»، هذا فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم يرسل الدعاة إلى الله عز وجل، ويختار العلماء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اختار معاذ بن جبل لهذه المهمة، فيختار العلماء، ويبعثهم في الدعوة إلى الله عز وجل.

وفيه قوله: «إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ»، هذا فيه أن الداعية والقاضي ينبغي أن يعرف أحوال البلد وأهل البلد، الذين سيعمل عندهم، يعرف أحوالهم، ولا يأتيهم وهو يجهل أحوالهم، وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى؛ لأن اليهود عندهم التوراة، والنصارى عندهم الإنجيل، وهذا فرق بينهم وبين الوثنين، والأميين الذين ليس لهم كتاب، وكان اليهود والنصارى يوجدون في اليمن، فالنبي صلى الله عليه وسلم أرشده إلى وجودهم هناك؛ من أجل أن يستعد لمناظرتهم والرد على شبهاتهم؛ لأن مجادلة العَالِم ليست كمجادلة غير العالم، فيحتاجون إلى استعداد، ولذلك اختار النبي صلى الله عليه وسلم معاذًا؛ لعلمه رضي الله عنه وفقهه، اختاره لهذه المهمة، وفي هذا دليل على أن أهل الكتاب بحاجة إلى الدعوة، أنهم يدعون إلى الإسلام؛ لأن الله أوجب على الثقلين الجن والإنس أن يتبعوا محمدًا صلى الله عليه وسلم، فلا يسع أحدًا بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إلاَّ أن يؤمن به، ويتبعه؛ كما قال سبحانه وتعالى: ﴿ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلۡأُمِّيَّ ٱلَّذِي يَجِدُونَهُۥ مَكۡتُوبًا عِندَهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ يَأۡمُرُهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَىٰهُمۡ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَٰٓئِثَ وَيَضَعُ عَنۡهُمۡ إِصۡرَهُمۡ وَٱلۡأَغۡلَٰلَ ٱلَّتِي كَانَتۡ عَلَيۡهِمۡۚ فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِهِۦ وَعَزَّرُوهُ [الأعراف: 157]؛ يعني: وقروه واحترموه، ﴿فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِهِۦ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ مَعَهُۥٓ [الأعراف: 157]؛ الوحي الذي أنزل معه من الكتاب والسنة، دل على


الشرح