عن أنس بن مالك رضي الله عنه،
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ
بَرَكَةً»([1]).
هذا الحديث حديث
عظيم، فيه أنه لا يجوز الصيام قبل طلوع الفجر؛ لأنه قال: «تَسَحَّرُوا»،
والسحور متى يكون؟ عند طلوع الفجر، وقت السحر، ثم قال صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّ
فِي السَّحُورِ بَرَكَةً»، السحور بضم السين المشددة، هو التسحر، مصدر، أما
السحور بالفتح، فإنه الطعام الذي يؤكل؛ مثل: الوُضوء والوَضوء، الوُضوء هو فعل
التوضؤ المصدر، وأما الوضوء فهو الماء الذي يتوضأ به، ومثل: الوقود والوُقود،
الوَقود، الوُقود هو الحطب، وأما الوقود فهو اضطرام النار، واشتعالها، قال تعالى: ﴿وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُۖ﴾ [البقرة: 24]، وقودها ما معناه؟
أي: حطبها. ﴿ٱلنَّارِ ذَاتِ ٱلۡوَقُودِ﴾ [البروج: 5]، أي: ذات الحطب،
فالسحور هو التسحر، وقال صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّ فِي السَّحُورِ
بَرَكَةً»؛ يعني: في أكلة السحور بركة؛ لأنها عبادة، لأنك حين تقوم وتتسحر،
فأنت تعبد الله عز وجل، أنت تأكل وتعبد الله عز وجل بذلك؛ لأنك تقصد بهذا الأكل
بداية الصيام، وتقصد به التقوى على عبادة الله عز وجل.
فهذا فيه نهي عن الوصال بين الأيام من غير إفطار، وهذا يأتي - إن شاء الله -، وفيه نهي عن تقديم أكلة السحور على وقت السحر؛ فمن كان يتسحر نصف الليل، أو وسط الليل، فهذا مثل الذي يتقدم رمضان بيوم أو يومين، زاد على العبادة، وقد يكون له غرض سيء، وهو أنه يريد النوم، ولا يريد القيام لصلاة الفجر؛ كما يعمل كثير من
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1923)، ومسلم رقم (1095).