×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

عن أنس بن مالك، عن زيد بن ثابت رضي الله عنهما، قال: «تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ»، قَالَ أَنَسُ: قُلْتُ لِزَيْدٍ: كَمْ كَانَ بَيْنَ الأَذَانِ وَالسَّحُورِ؟ قَالَ: «قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً»([1]).

 

هذا أنس بن مالك خادم النبي صلى الله عليه وسلم يسأل زيد بن ثابت رضي الله عنه، لأن زيدًا كان يأتي عند الرسول صلى الله عليه وسلم، يأتيه في الليل وفي النهار؛ لأنه كان يكتب الوحي، كان زيد بن ثابت كاتبًا للنبي صلى الله عليه وسلم، يكتب له الرسائل، ويكتب الوحي - رضي الله تعالى عنه -، وكان شابًّا ذكيًّا، وكان يحضر عند الرسول صلى الله عليه وسلم لأجل حاجة الرسول صلى الله عليه وسلم إليه، وكان يتسحر مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فأنس رضي الله عنه سأل زيدا: كم بين نهاية السحور وبين الإقامة لصلاة الفجر؟ قال: «قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً»؛ أي: قدر قراءة خمسين آية، وهذا على عادة العرب أنهم يقدرون المدة بالفعل، مثل قولهم: قدر نحر جذور، قدر قراءة خمسين آية، فيقدرون الوقت بالفعل، وقراءة خمسين آية لا يكون الوقت طويلا بين نهاية السحور وإقامة الصلاة، فدل على فضيلة تأخير السحور، بحيث لا يبقى بينه وبين إقامة صلاة الفجر إلاَّ زمن يسير، وهذا يؤكد ما سبق؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً»([2]).

ففيه أنه لا يكون الفصل طويلا بين نهاية السحور وبين الإقامة لصلاة الفجر، بقدر قراءة خمسين آية.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1921)، ومسلم رقم (1097).

([2])  رجه: البخاري رقم (1923)، ومسلم رقم (1095).