أشد من ذلك، فيفتي،
ولا يبالي، فلا يجوز للإنسان أن يسأل إلاَّ أهل العلم، ولا يجوز له أن يفتي، بل
حتى من عنده علم لا يفتي وعنده من هو أعلم منه، عليه أن يحيل الفتوى إلى غيره؛ كما
كان الصحابة رضي الله عنهم يتدافعون الفتوى، ويحيلونها إلى الأكابر من أهل العلم،
فهذه مسائل خطيرة، ما يجوز للإنسان أن يتساهل فيها، ولا يسأل فيها أي واحد، أو أن
المسؤول يبادر بالجواب وهو ما عنده علم، ويضيع السائل، هذه أمور خطيرة. فهذا الرجل
جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع أن قومه لاموه، وقالوا: وما لك مخرج، ولا لك
عذر، فضيقوا عليه، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فوجد الفرج، ووجد السعة
والتيسير، فقال: «يَا رَسُولَ الله هَلَكْتُ»، وفيه: أن المخطئ يعترف بخطئه
عند العالم من أجل أن يبين له الحكم.
«وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ»، فَقَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم: «هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟» قَالَ: لاَ، قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ»، قَالَ: لاَ، قَالَ: «فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ: لاَ، ما عنده شيء، ولا عنده قدرة، وما عنده قدرة على العتق، ولا على صيام شهرين، ولا عنده استطاعة للإطعام، فجلس عند النبي، سكت النبي صلى الله عليه وسلم، وتركه، وجلس عنده، هذا فيه أن العالم ما يتسرع في الفتوى، وإذا أشكلت عليه، فإنه ينتظر ويتأمل، ولعل الله أن ييسر الحل، فالرسول صلى الله عليه وسلم سكت، والرجل جلس، حتى جاء الفرج من الله عز وجل، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق - وهو الزنبيل والمكتل - فيه تمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «خُذْ هَذَا، فَتَصَدَّقْ بِهِ»، هذا فيه دليل: على مساعدة