×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ»([1]).

 

فهذا الحديث فيه: دليل على النهي عن الزيادة في العبادات عن الحد المشروع؛ أي: أنه لا يجوز أن يزداد في العبادة في العدد ولا في الكيفية، وإنما تؤدي العبادة على الحد الذي شرعه الله سبحانه وتعالى.

المسألة الثانية: دل الحديث على إباحة الصيام قبل رمضان بيوم أو يومين لمن لم يقصد تقدم رمضان، وإنما يصوم على ما كان قد اعتاده من صوم التطوع، أو من صوم الكفارة، أو النذر، فلا بأس بذلك، ولا يدخل هذا في النهي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم استثناه.

لما نهى صلى الله عليه وسلم عن تقدم رمضان بيوم أو يومين، بين صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث العلامة التي يعرف بها دخول الشهر، ويجب عندها الصيام، وهي علامة واضحة - ولله الحمد -، يعرفها الناس، وهكذا العبادات كلها معلقة بعلامات واضحة، يعرفها العامي والمتعلم والحضري والبدوي في كل زمان، علامة دخول شهر رمضان رؤية الهلال، «إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا»؛ يعني: الهلال، «وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا»، فعلق الصيام والإفطار بالرؤية، فدل على أنه إذا ظهر الهلال، وجب الصوم، وإذا رؤى هلال شوال، وجب الإفطار، هذه واحدة من العلامات، ومعنى: «رَأَيْتُمُوهُ» ليس معناه رأيتموه كلكم، بل إذا رآه واحد من المسلمين، وهو عدل، فإنه يقبل خبره؛


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1900)، ومسلم رقم (1080).