×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

عن سهل بن سعدٍ الساعدي رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ»([1]).

 

الميت، وكذلك الصوم، والسائل للرسول صلى الله عليه وسلم في الرواية الأولى أنه رجل، وفي الرواية الثانية أنه امرأة، ولا يترتب على اختلاف السائل شيء، سواء سأله رجل أو امرأة، ودل هذا الحديث على أنه يقضى صوم النذر عن الميت، وهذا محل إجماع تقريبًا - صوم النذر -، إنما الاختلاف في صوم رمضان، هو الذي محل الخلاف - كما سبق -، وفيه زيادة فائدة، وهي قوله: «لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ، أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى»، هذا أخذ منه مشروعية الأخذ بالقياس، القياس هو أحد الأصول، أصول الأدلة: الكتاب، والسنة، الإجماع، القياس عند الجمهور.

فهذا الحديث دليل: على أن القياس يستدل به؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قاس، قاس صوم النذر أو صوم رمضان قاسه على الدين الذي للآدميين، فدل على أن القياس دليل شرعي، وأول من قاس الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا من أبرز الأدلة للقائلين بحجية القياس، خلافًا لمن أنكره؛ كالظاهرية.

هذا من آداب الصيام تأخير السحور وتعجيل الفطر، تأخير السحور إلى أن يتبين طلوع الفجر؛ لأن الله جل وعلا قال: ﴿وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَيۡطُ ٱلۡأَبۡيَضُ مِنَ ٱلۡخَيۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ [البقرة: 187]، فإذا تبين الفجر، فإنه يحرم الأكل والشرب، ويلزم الإمساك، وما لم يتبين الفجر، فالأصل بقاء الليل، فيجوز الأكل والشرب،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1957)، ومسلم رقم (1098).