عن جابر بن عبدالله رضي الله
عنهما، قال: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَرَأَى زِحَامًا
وَرَجُلاً قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟»، قَالُوا: صَائِمٌ،
قَالَ: «لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ»([1]).
وفي لفظٍ لمسلمٍ: «عَلَيْكُمْ
بِرُخْصَةِ اللهِ الَّتي رَخَّصَ لَكُمْ»([2]).
اليوم في وسائل
النقل السريعة والمريحة لا نقول: لا يجوز لكم الإفطار. بل يجوز لهم الإفطار؛ لأن
الله علق الإفطار بالسفر: ﴿فَمَن كَانَ مِنكُم
مَّرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ﴾ [البقرة: 184]، علق الإفطار بالسفر
مطلقًا، فما دام أنه مسافر، فله أن يفطر، وإن لم يشق عليه، فله أن يصوم، فلا ينكر
على من صام، ولا ينكر على من أفطر، خصوصًا في هذه الأيام، التي توفرت فيها وسائل
الراحة، وطويت المسافات البعيدة، نسافرها في ساعات، فلا شك أن الصيام يكون متيسرا،
فمن صام، فلا حرج، ولا ينكر عليه، ومن أفطر، لا ينكر عليه؛ لأنه أخذ بالرخصة، وإن
كان ليس عليه مشقة.
هذا يدل على أنه إذا كان المسافر يشق عليه الصيام، فإن فطره أفضل، فهذا الرجل صام، وشق عليه الصيام، حتى إنه احتاج إلى إسعاف، أسعفه الصحابة رضي الله عنهم، والتفوا عليه، فهذا دليل على تراحم الصحابة فيما بينهم وتعاونهم، وسأل النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى المشهد وهذا الزحام من الصحابة، سأل: وما السبب؟ فأخبروه أنه رجل صام،