×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

فحصل عليه مشقة، فاحتاج إلى أن يظللوا عليه، عند ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ»؛ يعني: في هذه الحالة، في حالة المشقة، ليس من البر الصيام في السفر إذا شق على الإنسان، والبر: هو الخير وفعل الطاعة، فدل على أن من يشق عليه الصيام في السفر، فإفطاره أفضل من صيامه، ولا يكلف نفسه؛ لأن هذا الصيام الذي يصل إلى هذه الدرجة يعد من التنطع، والدين حريص على التسهيل على الناس والأخذ بالتيسير.

«وفي لفظٍ لمسلمٍ: «عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللهِ الَّتي رَخَّصَ لَكُمْ»».

«عَلَيْكُمْ» هذه كلمة حث؛ كقوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ عَلَيۡكُمۡ أَنفُسَكُمۡۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا ٱهۡتَدَيۡتُمۡۚ إِلَى ٱللَّهِ مَرۡجِعُكُمۡ جَمِيعٗا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ [المائدة: 105]، فهي كلمة حث، وهي بمعنى فعل الأمر، ولهذا نصب أنفسكم بعدها.

«عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللهِ»؛ أي: الزموا رخصة الله، وخذوا بها، فهذا فيه دليل: على أن الأخذ بالرخصة أفضل من الأخذ بالعزيمة، والرخصة في اللغة: مأخوذة من التسهيل والتيسير، والشيء الرخص هو اللين، فالرخصة في اللغة: مأخوذة من التسهيل والتيسير، وأما في الاصطلاح عند الأصوليين: ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح. الدليل الشرعي على وجوب صيام رمضان، والإفطار يخالف هذا الدليل، ولكنه لمعارض راجح، وهو التيسير على من يجد المشقة، فالأخذ بالرخص الشرعية إذا احتاج إليها الإنسان أفضل من الأخذ بالعزيمة، العزيمة: ما ثبت على وفق الدليل، وليس له معارض، هذه


الشرح