×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

لأن الخوارج - كما تعلمون - ليس عندهم فقه، وليس عندهم علم بدين الله عز وجل، فهم يقعون في الاجتهادات الضالة الخاطئة، ومنها هذه المسألة، أما جمهور الأمة وعلماء الأمة وفقهاؤها، فإنهم لا يرون مشروعية قضاء الصلاة أصلاً للحائض، وإنما يوجبون عليها قضاء الصيام فقط، وقد جاءت امرأة إلى عائشة أم المؤمنين، سألتها قالت: ما بال الحائض تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة؟ فقالت لها أم المؤمنين رضي الله عنها: «أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟»؛ يعني هل أنت من الخوارج؟ لأن هذا سؤال غريب، فقالت: لست بحرورية، ولكني أسأل. قَالَتْ: «كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلاَ نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاَةِ»([1])، والدين ليس بالرأي، إنما الدين بالدليل والاقتداء والاتباع، فعائشة رضي الله عنها أنكرت هذا السؤال، فلما تثبتت منها، أنها ليست من الخوارج، أجابتها بأن هذا أمر يرجع فيه إلى الشرع، والشارع إنما أمر بقضاء الصيام، ولم يأمر بقضاء الصلاة، فالحائض تفطر عدة أيام الحيض، فإذا طهرت، تصوم بقية الشهر، وإذا انتهى الشهر، تقضي الأيام التي أفطرتها، والقضاء موسع وقته ما بين الرمضانين؛ لأن عائشة رضي الله عنها أخبرت في هذا الحديث - وكان هذا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم - أنها يكون عليها القضاء من رمضان، فلا تقضيه إلاَّ في شعبان، ويقرها الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك، فدل على أن قضاء رمضان موسع ما بين الرمضانين. قالوا: إلاَّ إذا لم يبق على رمضان الجديد إلاَّ قدر الأيام التي يجب قضاؤها،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (321)، ومسلم رقم (335).