الثانية: اشتمال الصماء، وما
اشتمال الصماء؟ المراد بذلك على تفسيرين؛ تفسير أهل اللغة وتفسير الفقهاء.
فأهل اللغة: فسروا
اشتمال الصماء بأن الإنسان يلتحف بالثوب الواحد، ولا يخرج يديه، ويكون مثل الصخرة
الصماء، ليس لها مدخل، فمنهي عن ذلك؛ لأن الإنسان يحتاج إلى العمل بيديه والأخذ
والإعطاء، فيجعل يديه ظاهرتين، فإذا لفهما بالثوب، فإن ذلك يمنعه من الحركة
والعمل، هذا تفسير أهل اللغة.
وأما تفسير الفقهاء:
اشتمال الصماء، يقولون: إنه يلبس الثوب الواحد، يلف الثوب الواحد على جسمه، ويجعل
بعضه على عاتقه، وهو وما يسمى بالاضطباع، ويجعل العاتق الآخر مكشوفًا، هذا معنى
اشتمال الصماء، والعلة في ذلك: أنه تنكشف عورته؛ لأن الجانب الذي يرفعه على عاتقه
يحصل بذلك أن الثوب يكون مرتفعًا وقصيرًا، فتبدو عورته، هذا تفسير أهل الفقه: أن
يضطبع بالثوب الواحد، ليس عليه غيره، والعلة أن هذا مظنة انكشاف العورة، وتفسير
الفقهاء أخص من أهل اللغة، وهم أدرى بمقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والفقهاء
أعرف بمقاصد الرسول صلى الله عليه وسلم من أهل اللغة، فتفسيرهم أرجح، تفسير
الفقهاء أرجح.
والثالثة: نهى أن يحتبي الرجل بالثوب الواحد، والاحتباء معناه: أن يجلس على مقعدته، ويرفع ساقيه، وهو ليس عليه إلاَّ ثوب واحد. تنكشف عورته، أما إن كان عليه سراويل، أو عليه إزار ثوب آخر، لا مانع، لكن أن يحتبي، وهو ليس عليه إلاَّ ثوب واحد، فهذا تنكشف عورته، ولهذا نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.