×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

 العاص؛ فإنه قد يكون مثله أو قريبًا منه في حفظ الأحاديث، قال: «أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم »، الخليل: مأخوذ من الخلة، وهي المحبة.

«أَوْصَانِي خَلِيلِي»؛ أي: حبيبي، والخلة: هي أعلى درجات المحبة؛ لأن المحبة درجات، أعلاها الخلة، سميت بذلك: لأنها تتخلل القلب، ولهذا يقول الشاعر:

قد تخللت مسلك الروح مني ***  ولذا سمي الخليل خليلا

فقوله: «خَلِيلِي»؛ أي: حبيبي، الذي أحبه أشد المحبة، وهكذا يجب على كل مسلم أن يحب الرسول صلى الله عليه وسلم أعلى درجات المحبة، وأن يقدم محبته على محبة نفسه، وعلى محبة والديه، وعلى محبة أولاده، وعلى محبة الناس أجمعين، قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»([1])، وهذا من حقوقه صلى الله عليه وسلم علينا؛ أن نحبه أكثر مما نحب أنفسنا، وأكثر مما نحب أولادنا، وأكثر مما نحب آباءنا وأمهاتنا، وأكثر مما نحب الناس، هذا من حقوقه صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يشك فيه مسلم، ولكن الغلو لا، ليس معنى محبة الرسول صلى الله عليه وسلم أننا نبتدع شيئًا في حقه لم يشرعه لنا، فليس من محبة الرسول أن نحدث الموالد، ونقول: هذه محبة للرسول، هذه يبغضها الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه نهى عن البدع ومحدثات الأمور، فهو يبغض البدع صلى الله عليه وسلم، فكيف تزعم أنك تحبه، وأنت تخالفه، وتبدع البدع، ولهذا يقول الشاعر:

تعصي الله وأنت تظهر حبه *** هذا لعمري في القياس بديع


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (15)، ومسلم رقم (44).