×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

لو كان حبك صادقًا لأطعته *** إن المحب لمن يحب مطيع

علامة المحبة الصادقة اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وترك الابتداع في الدين، فليس من محبته أننا نحدث شيئًا في حقه صلى الله عليه وسلم، ونقول: هذا من محبته. كإحداث الاحتفال بالمولد، الذي أحدثه المبتدعة، وكذلك الغلو في حقه صلى الله عليه وسلم، الغلو في حقه حتى يجعل له شيئًا من حق الله، هذا ليس من المحبة، هذا من البغضاء، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ»، والإطراء معناه: الزيادة في المدح، «فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُه، فَقُولُوا: عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ»([1])، فلا يغلى في حقه صلى الله عليه وسلم، حتى يعطى شيئًا من الألوهية والعبادة، ويدعى من دون الله، أو يستغاث به بعد موته صلى الله عليه وسلم؛ فإن هذا يتنافى مع المحبة، المحبة الصادقة هي التي تقتضي الاتباع والاقتصار على السنة وترك البدعة، أما الغلو في حقه صلى الله عليه وسلم، فهذا مخالف لمحبته صلى الله عليه وسلم، فينبغي التنبه لهذا؛ لأن أصحاب البدع الذين يبتدعون في حقه صلى الله عليه وسلم يقولون: نحن نحبه. يعملون المولد، ويقولون: هذا محبة للرسول. يدعون الرسول، ويستغيثون به، ويصفونه بأوصاف نهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم. هذا من الغلو، الرسول له حق، والله له حق، فلا يخلط بين حق الله وحق الرسول ولهذا يقول ابن القيم رحمه الله:

لله حق لا يكون لغيره *** ولعبده حق هما حقان

لا تجعلوا الحقين حقًا واحدًا  *** من غير تمييز ولا فرقان


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3445).