×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

يجب الفرق بين حق الله وحق الرسول صلى الله عليه وسلم، فالله حقه العبادة وحده لا شريك له، والرسول حقه الاتباع والاقتداء، هذا حق الرسول صلى الله عليه وسلم، أما أن يعطى الرسول حق الله، فهذا شرك بالله عز وجل، لا يرضاه رسول من الرسل، فكيف بمحمد صلى الله عليه وسلم، فهذا معنى الخلة، معناها المحبة، وأبو هريرة يقول: «أَوْصَانِي خَلِيلِي»؛ أي: حبيبي الذي أحبه أشد المحبة وأعلاها.

فإن قلت: أليس الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى اللهِ أَنْ يَكُونَ لِي مِنْكُمْ خَلِيلٌ، فَإِنَّ اللهِ تعالى قَدِ اتَّخَذَنِي خَلِيلاً، كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً»([1])، فلماذا أبو هريرة يقول: «أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم » قلنا: هناك فرق بين أن الرسول يتخذ خليلاً، أو أن الصحابي يتخذ الرسول خليلا، فرق بين أن الرسول يتخذ خليلاً من أصحابه، وبين أن الصحابي يتخذ الرسول خليلاً، بينهما فرق، والحكمة في كون الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتخذ خليلا من أصحابه مع أنه يحبهم أشد الحب، لاسيما أبو بكر؛ فإنه يحبه أكثر من غيره، لكن لم يتخذه خليلاً؛ لأن الخلة لا تقبل الاشتراك، فلا يمكن أن يكون الله خليله وغيره من الخلق خليله، وما يكون الخليل إلاَّ واحدًا، هذا وجه كون الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتخذ خليلا من صحابته؛ لأن الخلة لا تقبل الاشتراك، ولكن المحبة غير الخلة، الخلة هي أعلى درجات المحبة، الرسول صلى الله عليه وسلم يحب أصحابه، ويحب أبا بكر،


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (532).