×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

راتبه على الدوام وهو فقير، راتبه ما يكفيه، أو يكون مريضًا، وينذر أن يصوم كل الدهر، أو يصلي كل الليل وهو مريض، فيقع في حرج، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم لم يرغب في النذر؛ ليبقى المجال مفتوحًا أمام المسلم، إن تيسر له العبادة، يفعلها، وإن لم تتيسر، فإنه في سعة، أما إذا نذر، فإنه يلزمه فعل وما نذر إذا كان طاعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ»([1])، قال تعالى: ﴿يُوفُونَ بِٱلنَّذۡرِ وَيَخَافُونَ يَوۡمٗا كَانَ شَرُّهُۥ مُسۡتَطِيرٗا [الإنسان: 7]، فأثنى على الأبرار في أنهم يوفون بالنذر، وقال تعالى: ﴿وَلۡيُوفُواْ نُذُورَهُمۡ [الحج: 29]، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ»، والله جل وعلا يقول: ﴿وَمَآ أَنفَقۡتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوۡ نَذَرۡتُم مِّن نَّذۡرٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُهُۥۗ [البقرة: 270]، فالنذر إذا كان نذر بر وطاعة، يجب فعله، ولا يجوز له تركه، وهذا عمر رضي الله عنه نذر أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ»، مع أنه حينما نذر وهو كافر، ولكنه سأل عنه بعدما أسلم، فأمره صلى الله عليه وسلم بالوفاء بنذره.

الشاهد من الحديث: الأمر بالوفاء بالنذر، ودل الحديث على أنه يصح الاعتكاف بدون صيام؛ لأن الليل ليس محلاً للصيام، قال: «إني كُنْتُ نَذَرْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً»، فدل على أنه لا يشترط الصيام للاعتكاف، وأنه يصح الاعتكاف في الليل، ومن المفطر لا بأس بذلك.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (6696).