×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الأول

عن صفية بنت حييٌ رضي الله عنها قالت: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُعْتَكِفًا، فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلاً، فَحَدَّثْتُهُ، ثُمَّ قُمْتُ لأَِنْقَلِبَ، فَقَامَ مَعِيَ لِيَقْلِبَنِي، وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَمَرَّ رَجُلاَنِ مِنَ الأَْنْصَارِ، فَلَمَّا رَأَيَا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أَسْرَعَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ» فَقَالاَ: سُبْحَانَ اللهِ، فَقَالَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَرًّا - أَوْ قَالَ شَيْئًا- »([1]).

وفي رواية: «أَنَّهَا جَاءَتْ تَزُورُهُ، فِي اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ، فِي الْعَشْرِ الأَْوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً، ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَعَهَا يَقْلِبُهَا، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ بَابَ المَسْجِدِ عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ»، ثم ذكره بمعناه([2]).

 

هذا الحديث فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان معتكفا في المسجد، وأن ذلك في رمضان؛ أن صفية بنت حيي بن أخطب رضي الله عنها جاءت تزوره في معتكفه، وهي صفية بنت حيي بن أخطب زعيم اليهود عدو الله ورسوله، قد قتل في غزوة خيبر، وسبيت صفية بنته من جملة السبي، فوقعت في سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعتقها، وجعل عتقها صداقها، تزوجها، وجعل عتقها صداقها، وكانت صحابية فاضلة من أمهات المؤمنين رضي الله عنها، و﴿ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ [الحديد: 21].

«جَاءَتْ تَزُورُهُ، فِي اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ»، هذا فيه دليل: على جواز زيارة المعتكف، أن يزوره الرجال والنساء، والتحدث معه، وأن هذا


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3281)، ومسلم رقم (2175).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (2035)، ومسلم رقم (2175).