فدل على أنه لا يطهر غير
الماء، ما يطهر النجاسات، ولا يرفع الأحداث عن الأبدان، إلا الماء الطهور، وهناك
سوائل كثيرة قد تزيل أثر النجاسة، لكنها لا تطهرها؛ لأنها غير الماء.
قوله رحمه الله: «بَابُ أَحْكَامِ الْمِيَاهِ»؛ المياه
جمع الماء؛ لأنه يتنوع - كما يأتي: فمنه طهور، ومنه طاهر، ومنه نجس، ولذلك جاء
بصيغة الجمع، والله سبحانه وتعالى خلق الماء، وجعله حياة لكل شيء: ﴿وَجَعَلۡنَا مِنَ ٱلۡمَآءِ
كُلَّ شَيۡءٍ حَيٍّۚ﴾ [الأنبياء: 30]، فهو مادة الحياة.
ومن استعمالات الماء
الكثيرة: الطهارة، التطهر به، وهذا هو الذي يعني الفقهاء، الماء يتنوع إلى: طهور،
وطاهر، ونجس، هذا هو الذي يهم الفقهاء البحث فيه: أي هذه الأنواع يتطهر به؟ وأيها
لا يتطهر به؟
فالأصل في الطهارة
الماء، قال جل وعلا: ﴿وَأَنزَلۡنَا مِنَ
ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ طَهُورٗا﴾ [الفرقان: 48]، ﴿وَيُنَزِّلُ
عَلَيۡكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ لِّيُطَهِّرَكُم بِهِۦ﴾ [الأنفال: 11]،
فالأصل في الماء الطهورية، وأنه يصلح للتطهر به، ولكن قد يطرأ عليه طارئٌ يحوله من
طهور إلى غير طهور، وهو ينقسم بهذا الاعتبار إلى: طَهور - بفتح الطاء - وطاهر،
ونجس.
فالطهور: هو الطاهر في نفسه
المطهر لغيره.
والطاهر: هو الطاهر في
نفسه، ولكنه لا يطهر غيره.
والنجس: هذا لا يطهر،
وينجس ما أصابه.
فهذا وجه عقد هذا
الباب «باب المياه»، أحكام المياه،
لتعرفوا ما هو الماء الصالح للطهارة، والماء الذي لا يصلح للطهارة.
لئلا يلتبس هذا
بهذا، وهذا أمر مهم يترتب عليه صحة الصلاة، أو عدم صحتها، ولا يتطهر بغير الماء من
المائعات، المائعات كثيرة