×
شرح عمدة الفقه الجزء الأول

 فَإِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ، أو كَانَ جَارِيًا، لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ، إِلاَّ مَا غَيَّرَ لَوْنَهُ، أو طَعْمَهُ، أو رِيْحَهُ ([1])، وَمَا سِوَى ذلِكَ يَنْجُسُ بِمُخَالَطَةِ النَّجَاسَةِ. وَالْقُلَّتَانِ: مَا قَارَبَ مِائَةً وَثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ بِالدِّمَشْقِيِّ.

**********

الشرح

قوله رحمه الله: «فَإِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ، أو كَانَ جَارِيًا، لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ»، الأصل في الماء الطهورية، وهو يبقى على طهوريته؛ حتى يحدث به ما يحوله من الطهورية إلى غيرها؛ كما يأتي.

فالماء الكثير «المستبحر، أو الأنهار، أو الآبار»، الماء الكثير هذا لم ينجسه شيء، ما دام لم يتغير لونه، أو طعمه، أو ريحه، إذا وقعت فيه نجاسة وهو كثير لم يتغير، فهو باقٍ على طهوريته، يتوضأ به؛ لأنه يغلب النجاسة؛ تتلاشى به.

أما إذا كان قليلاً، ووقعت فيه نجاسة، فإن غيرت أحد أوصافه، تنجس بالإجماع، وإن لم تغير شيئًا من أوصافه، فهذا محل الخلاف:

قيل: إنه يتنجس، ولو لم يتغير.

وقيل: إنه لا يتنجس حتى يتغير كالكثير، والدليل على ذلك: حديث القلتين، وهو حديث قوي الإسناد؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الماء يكون في الفلاة، وما ينتابه من السباع، هل يكون نجسًا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ» ([2]).

إذًا يكون الكثير: ما بلغ قلتين فأكثر.


الشرح

([1]أخرجه: ابن ماجه رقم (521)، والنسائي رقم (325)، وأحمد رقم (2100).

([2]أخرجه: أبو داود رقم (63)، والترمذي رقم (67)، وابن ماجه رقم (517)، وأحمد رقم (4605).