الدليل على ذلك: حديث بئر بضاعة، وهي بئر
مهجورة في المدينة، كانت تلقى فيها حيض النساء، والجيف، والكلاب، وسُئل عنها النبي
صلى الله عليه وسلم، فقال: «الْمَاءُ
طَهُورٌ لاَ يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» ([1])؛ لأن بئر بضاعة
تمشي مع الأرض، وتغير الماء، ليس الماء فيها دائمًا، وإنما يجري، كل الآبار كذلك؛
لأن الله جعل الماء ينابيع: ﴿فَسَلَكَهُۥ
يَنَٰبِيعَ فِي ٱلۡأَرۡضِ﴾ [الزمر: 21]؛ الآبار وغيرها، فالرسول صلى الله عليه
وسلم أفتى الصحابة رضي الله عنهم بأن بئر معونة طهور، وإن كانت تقع فيها هذه
الأشياء؛ لأنه يجري ويتجدد.
قوله رحمه الله: «لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ، إِلاَّ مَا
غَيَّرَ لَوْنَهُ، أو طَعْمَهُ، أو رِيْحَهُ»؛ من النجاسة.
قوله رحمه الله: «وَمَا سِوَى ذلِكَ يَنْجُسُ بِمُخَالَطَةِ
النَّجَاسَةِ»؛ ما سوى الماء الكثير الذي بلغ قلتين فأكثر، أو الماء الجاري،
فإنه إذا وقعت فيه نجاسة، ينجس مطلقًا - سواء تغير، أو لم يتغير؛ لأنه لا يحمل
الخبث؛ يعني: لا تتلاشى فيه النجاسة.
قوله رحمه الله: «وَمَا سِوَى ذلِكَ يَنْجُسُ بِمُخَالَطَةِ
النَّجَاسَةِ»؛ ينجس بملاقاة النجاسة - تغير أو لم يتغير - ما دام أنها أقل من
قلتين.
قوله رحمه الله: «وَالْقُلَّتَانِ: مَا قَارَبَ مِائَةً وَثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ بِالدِّمَشْقِيِّ»، الدمشقي راحت، راحت هذه التقادير مع أهلها، لكن القرب الخمس هذه معروفة عند كل أحد، ولم تذهب، لكن الأرطال هذه ذهبت الآن، صارت إما باللتر، أو بالمليلتر.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (66)، والترمذي رقم (66)، والنسائي رقم (326)، وأحمد رقم (11257).