×
شرح عمدة الفقه الجزء الأول

القول الثالث - وهو قول متوسط، وفيه جمع بين الأدلة: أن جلد الميتة المدبوغ إن كان مما يباح أكله - كالإبل والبقر والغنم - فإن جلد الميتة منه إذا دبغ يكون حلالاً، وأما ما لا يؤكل لحمه، فهذا حرام، ولو دُبغ.

هذا فيه نوع من الجمع بين الأحاديث، وهو المذهب الوسط، والمسألة فيها خلاف، أوصلها الصنعاني في «سبل السلام» والشوكاني في «نيل الأوطار» إلى سبعة أقوال، لكن هذه المذاهب الثلاثة هي أقربها.

فيقال: جلد الميتة إن كانت مما يؤكل لو ذُكي ودُبغ، فإنه حلال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أم سلمة رضي الله عنها: مر رسول الله بشاة يجرونها، فقال: «لَوْ أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا؟» فَقَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ، فَقَالَ: «يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ، وَالْقَرَظُ» ([1]).

والقرظ نوع من الشجر، يُنشِّف جلد الحيوان، هذا يسمونه القرظ، وينشفونه بقشور الرمان، حتى يتنشَّف، «لَوْ أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا؟» فَقَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ، فَقَالَ: «يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ، وَالْقَرَظُ».

والشاة أصلها أنها حلال، تعمل فيها الذكاة، تُحلها الذكاة، فإذًا ما تحله الذكاة إذا مات، فإن جلده يجوز استعماله بعد الدبغ، وما لا يؤكل لحمه - كالكلاب والخنازير والأفاعي وغير ذلك - فهذا لا يجوز استعماله ولو دُبغ، لا يجوز، هذا أقرب الأقوال في هذه المسألة والله أعلم.

قوله رحمه الله: «وَكُلُّ جِلْدِ مَيْتَةٍ دُبِغَ أو لَمْ يُدْبَغْ فَهُوَ نَجِسٌ»، هذا هو القول الأول؛ أن كل جلد ميتة لا يحل، ولو دُبغ.


الشرح

([1]أخرجه: أبو داود رقم (4126)، والنسائي رقم (174).