والقول الثاني يقابله: أن كل جلد ميته يحل من أي
حيوان كان، والقول الثالث: ما ذكرته لكم تفصيل.
قوله رحمه الله: «وَكَذلِكَ عِظَامُهَا»، وكذلك عظام
الميتة حرام ونجسة، وهذا بالإجماع؛ لأن العظم تحله الحياة، فإنه إذا كان عظم ميتة،
يحرم.
قوله رحمه الله: «وَكُلُّ مَيْتَةٍ نَجِسَةٌ إِلاَّ
الآدَمِيَّ، وَحَيَوَانَ الْمَاءِ»، كل ميتة فهي نجسة، كل ميتة وما فارقته
الروح بدون ذكاة، فهذا نجس، من كل حيوان، ولا يجوز أكلها إلا للمضطر، المضطر يأكل
من الميتة ما يبقى عليه حياته، ﴿إِلَّا
مَا ٱضۡطُرِرۡتُمۡ إِلَيۡهِۗ﴾ [الأنعام: 119].
وإلا الميتة لا يقربها المسلم، ولا يأكل منها، إلا في حالة الضرورة، وهي أن يخشى على نفسه من الموت، إذا لم يأكل منها، فيباح له ذلك بقدر ما يُبقي عليه حياته، وهذا من لطف الله بعباده؛ أنه رخَّص لهم في حال الضرورة في تناول المحرم، بقدر ما يبقي عليهم حياتهم، فالميتة كلها نجسة، إلا ميتة البحر؛ مما لا يعيش إلا في البحر؛ كالأسماك والحيتان، فهذه حلال؛ لأنها ليس لها ذكاة، فهي حلال لقوله صلى الله عليه وسلم - لما سئل عن ماء البحر: هل يجوز التطهر به؟ - قال صلى الله عليه وسلم: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ»، فالبحر طهور؛ يتوضأ به، ويغتسل به، وميتته حلال أيضًا، لما سُئل عن ماء البحر، لكنه زاد السائل فائدة؛ لأنه إذا جهل حكم ماء البحر، فله أن يجهل حكم الميتة من باب أولى؛ ولأنهم يسمعون أن الميتة حرام في القرآن، فلربما يتوهمون أن هذا يشمل ميتة البحر، وهو ليس كذلك، ميتة البحر حلال.