×
شرح عمدة الفقه الجزء الأول

قوله صلى الله عليه وسلم: «أُحِلَّتْ لَكُمْ مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ، فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ، فَالجراد والحوتُ، وَأَمَّا الدَّمَانِ، فَالطحال والكبدُ» ([1]). هذا حلال.

قوله رحمه الله: «وَكُلُّ مَيْتَةٍ نَجِسَةٌ»، كل ميتة فهي نجسة، سواء مما يؤكل لحمه، أو مما لا يؤكل لحمه، إلا ما استثناه الدليل من ميتة البحر.

قوله رحمه الله: «إِلاَّ الآدَمِيَّ»: الآدمي جسمه طاهر، سواء كان مسلمًا أو كافرًا، وأما قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُشۡرِكُونَ نَجَسٞ [التوبة: 28]، فالمراد النجاسة المعنوية، وهي نجاسة الشرك، وأما النجاسة الحسية، لا؛ بدنه طاهر، لو لمسك، لو أتاك عرق منه، لو شربت بعده في مائه، فهو طاهر؛ إنسان، الإنسان طاهر، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ المُسْلِمَ لاَ يَنْجُسُ» مطلقًا؛ لأن أبا هريرة رضي الله عنه أصابته جنابة، وكان يمشي مع الرسول صلى الله عليه وسلم في العادة، فتخلف عنه مرة، ولم يمش معه، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم، قال: كُنْتُ جُنُبًا، فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ وَأَنَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ، إِنَّ المُسْلِمَ لاَ يَنْجُسُ» ([2])؛ يعني: بدنه طاهر، فهذا دليل على أن الآدمي طاهر حيًّا وميِّتًا، سواء كان مسلمًا أو كافرًا.

قوله رحمه الله: «إِلاَّ الآدَمِيَّ»، لم يقل إلا المسلم، بل قال: «إِلاَّ الآدَمِيَّ»، وأما كون الميت يُغسَّل، ليس هذا لأجل النجاسة، هذا حكم تعبدي، لا يُعلم حكمته، فيسمونه تعبدًّا، لا يعلمون الحكمة منه؛ لأنه لو كان ينجس بالموت، ما طهَّره الماء؛ لأن الموت لا يرتفع، لا يطهر الماء، فليس تغسيل الميت من أجل النجاسة، وإنما هو عبادة أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم.


الشرح

([1]أخرجه: ابن ماجه رقم (3314)، وأحمد رقم (5723).

([2]أخرجه: البخاري رقم (283)، ومسلم رقم (371).