×
شرح عمدة الفقه الجزء الأول

 رجس، ومضرَّة، فيها مضرَّة لمن أكلها؛ لأن الذكاة تنظفها من الدم المسفوح، فإذا ذكيت، خرج الدم الذي يضر، ولم يبق إلا الدم الذي لا يضر في خلال اللحم، الذي في خلال اللحم يؤكل مع اللحم، ولا يضر، إنما الدم المسفوح الذي تشخب منه الأوداج هذا مسفوح، حرام: ﴿قُل لَّآ أَجِدُ فِي مَآ أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٖ يَطۡعَمُهُۥٓ إِلَّآ أَن يَكُونَ مَيۡتَةً أَوۡ دَمٗا مَّسۡفُوحًا [الأنعام: 145]، هذا الذي يحرم.

الدم المسفوح: هو الذي يخرج من الذبيحة وقت ذكاتها، ويخرج بدفق قوي، هذا نجس وحرام، وهو الدم المسفوح.

قوله رحمه الله: «وَكُلُّ جِلْدِ مَيْتَةٍ دُبِغَ أو لَمْ يُدْبَغْ فَهُوَ نَجِسٌ»، أما جلد الميتة، فهذا إن لم يُدبغ، فهو نجس، ولا يجوز استعماله، لكن خلاف الجلد المدبوغ، أما جلد الميتة المدبوغ، فاختلفت الأحاديث فيه:

فبعضها يقول: «أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» ([1])، هذا دليل على أن جلد أي حيوان إذا دُبغ، فإنه يطهُر، وهذا قول بعض العلماء.

والقول الثاني: أن جلد الميتة لا يحل؛ مثل لحمها لا يحل، ولو دُبغ؛ لحديث عبد الله بن عكيم رضي الله عنه أنه قال: جَاءَنَا، أو قَالَ: كَتَبَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنْ لاَ تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ، وَلاَ عَصَبٍ» ([2])، وهذا عام. والإهاب: معناه الجلد. قالوا: وهذا في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يدل على أن جلد الميتة حرام، ولو دُبغ، لا يطهُر، «لاَ تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ، وَلاَ عَصَبٍ»، هذا القول الثاني المقابل للقول الأول.


الشرح

([1]أخرجه: مسلم رقم (366).

([2]أخرجه: أبو داود رقم (4127)، والترمذي رقم (1729)، وابن ماجه رقم (3613)، وأحمد رقم (18780).