وقوله صلى الله عليه وسلم: «لَهُمْ فِي الدُّنْيَا»؛ يعني: الكفار، «وَلَكُمْ فِي الآخِرَةِ»؛ لأن صحاف أهل الجنة من ذهب، وأكوابهم من
ذهب وفضة، وأما في الدنيا، فلا يجوز لهم هذا، إنما المؤمنون يتمتعون بها في
الآخرة، ﴿يُطَافُ عَلَيۡهِم
بِصِحَافٖ مِّن ذَهَبٖ وَأَكۡوَابٖۖ﴾ [الزخرف: 71]؛ يعني:
أكوابًا من ذهب.
﴿وَفِيهَا
مَا تَشۡتَهِيهِ ٱلۡأَنفُسُ وَتَلَذُّ ٱلۡأَعۡيُنُۖ وَأَنتُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ﴾ [الزخرف: 71]،
فالمسلم لا يستعملها في الدنيا، وإنما يستعملها في الجنة، إذا دخل الجنة.
فهذا - والله أعلم -
هو التعليل المناسب، لا نتشبه بالكفار في كبريائهم وإسرافهم ومظاهرهم، والمطلوب من
المسلم الزهد والتقشف في هذه الدنيا؛ لأنه إذا فتح لنفسه باب الترف، انشغل عن طاعة
الله، وانشغل عن العبادة، وأخذه الكبر والفخر والخيلاء، فمنع من ذلك المؤمن.
قوله رحمه الله: «لا يَجُوْزُ اسْتِعْمَالُ آنِيَةِ الذَّهَبِ
وَالْفِضَّةِ، فِيْ طَهَارَةٍ وَلا غَيْرِهَا»؛ للنص على ذلك، في الطهارة، أو
أكل، أو شرب، أو حتى للزينة والتحف، فلا يجعل الإنسان عنده أواني من الذهب أو
الفضة تحفة، أو كأسًا من الذهب، أو كأسًا من الفضة؛ من أجل التحفة - كما يقولون -
فهذا حرام للمسلم، ولا يجوز.
قوله رحمه الله: «وَحُكْمُ الْمُضَبَّبِ بِهِمَا حُكْمُهُمَا،
إِلاَّ أَنْ تَكُوْنَ الْضَبَّةُ يَسِيْرَةً مِنَ الْفِضَّةٍ»، أما ما كان فيه
شيء من الذهب أو الفضة -كالمطلي بالذهب، أو الفضة، أو المكفَّت، أو المطعَّم- فهو
أيضًا لا يجوز؛ لأن من استعمله قد استعمل الذهب والفضة، إذا شرب به، شرب بآنية
فيها ذهب أو فضة، فإذا استعمل ما فيه ذهب وفضة،