قوله رحمه الله: «وَزَوَالُ الْعَقْلِ إِلاَّ النَّوْمَ الْيَسِيْرَ جَالِسًا أو قَائِمًا»،
إلا النوم اليسير، إذا كان قاعدًا، أو يشترط أن يكون يسيرًا، أما النوم الكثير،
فينقض الوضوء، ولا بد أن يكون متمكنًا من نفسه؛ كنوم الجالس، أو القائم؛ لأنه
متمكن من نفسه، وأما من كان متكئًا أو مضطجعًا، ونام، فإنه ينتقض وضوؤه، ولو كان
نومه يسيرًا؛ لأنه لا يدري عن نفسه، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّ الْعَيْنَيْنِ وِكَاءُ السَّهِ،
فَإِذَا نَامَتِ الْعَيْنَانِ اسْتُطْلِقَ الْوِكَاءُ» ([1])؛ يعني: وكاء ([2]) الدبر، «فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ» ([3])؛ لأنه لا يدري؛ فهو
مظنة الخارج وهو لا يدري، لكن النوم اليسير - النعاس - وهو جالس، هذا لا يضر، أو
ينام قائمًا، لا يضره هذا؛ لأنه متمكن من نفسه، والصحابة رضي الله عنهم كانوا
ينتظرون الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - صلاة العشاء - ويشتغلون
بالنهار، يتعبون؛ فيأخذهم النعاس وهم جالسون لانتظار الصلاة، ثم يأتي الرسول صلى
الله عليه وسلم فتقام الصلاة فيقومون ويصلون ولا يتوضؤون بحضرة الرسول صلى الله
عليه وسلم ([4])، فدل على أن النعاس
اليسير من القاعد؛ أنه لا يضر.
قوله رحمه الله: «وَزَوَالُ الْعَقْلِ إِلاَّ النَّوْمَ الْيَسِيْرَ جَالِسًا أو قَائِمًا»؛ لأنه متمكن من نفسه، هذا النوم اليسير، وأما النوم المستغرق، فينقض الوضوء، لأنه مظنة خروج شيء، ولا يدري عنه؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْعَيْنَيْنِ وِكَاءُ السَّهِ، فَإِذَا نَامَتِ الْعَيْنَانِ اسْتُطْلِقَ الْوِكَاءُ»؛ لا يضبط نفسه.
([1]) أخرجه: الدارمي رقم (722)، وأحمد رقم (16879)، والدارقطني رقم (597).
([2]) الوكاء: الحبل الذي يشد به السقاء وغيره. انظر: لسان العرب (15/ 405)، والمعجم الوسيط (2/ 1055)، وتاج العروس (40/ 239).