كذلك لو كانت تحفظ سورًا
من القرآن، تخشى أن تنساها، فلا بأس أن تقرأ في تثبيت الحفظ وهي حائض؛ للحاجة.
قوله رحمه الله: «وَمَسَّ الْمُصْحَفِ»، ومما يحرم على
الحائض مس المصحف بيدها مباشرة، سواء مست الكتابة، أو مست الجلد - جلد المصحف - كل
ما يتصل بالمصحف، فلا تمسه الحائض؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمرو بن حزم:
«وَلاَ يَمَسُّ الْقُرْآنَ إِلاَّ
طَاهِرٌ» ([1]).
ويؤخذ هذا أيضًا من
قوله تعالى في القرآن: ﴿لَّا يَمَسُّهُۥٓ
إِلَّا ٱلۡمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: 79]، وإن كان هذا في اللوح المحفوظ، ﴿فِي كِتَٰبٖ مَّكۡنُونٖ﴾ [الواقعة: 78]؛
يعني: في اللوح المحفوظ: ﴿لَّا
يَمَسُّهُۥٓ إِلَّا ٱلۡمُطَهَّرُونَ﴾، وهم الملائكة؛ فيؤخذ من
إشارة الآية أن كذلك الآدميون لا يمسونه، إلا وهم على طهارة.
قوله رحمه الله: «وَاللُّبْثَ فِي الْمَسْجِدِ»، يمنع
الحيض من اللبث في المسجد؛ الجلوس في المسجد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلاَ
جُنُبٍ» ([2]).
فلا تمكث في المسجد وهي حائض، لا لدراسة قرآن، ولا لسماع خطبة، أو موعظة، إنما تكون خارج المسجد لكن يجوز لها أن تمر، والجُنب يجوز له أن يمر مع المسجد في حاجة يأخذها ويخرج، أو يدخل من باب، ويخرج من الباب الثاني، لا مانع: ﴿لَا تَقۡرَبُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمۡ سُكَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعۡلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغۡتَسِلُواْۚ﴾ [النساء: 43]، فالمرور للحائض والجُنب لأخذ حاجة،
([1]) أخرجه: مالك مُرسلاً رقم (1)، والدارمي رقم (2312)، وابن حبان رقم (6559).