وأما من كانوا شرق الكعبة، فما بين الشمال والجنوب، وكذلك من كان في الغرب:
ما بين الجهتين، وهذا من تيسير الله عز وجل على عباده؛ لأن إصابة عين الكعبة
متعذرة مع وجود الحائل، مع البعد عنها متعذر أنه يصيب عينها، فيكفي أن يتجه إلى
جهتها.
قوله رحمه الله: «الشَّرْطُ الْخَامِسُ: اسْتِقْبَالُ
الْقِبْلَةِ، إِلاَّ فِي النَّافِلَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ لِلْمُسَافِرِ»، يستثنى
مسألتان يصح فيهما الصلاة إلى غير القبلة:
المسألة الأولى: النافلة في السفر؛
يعني: قيام الليل، التهجد، فللمسافر أن يتهجد على راحلته أينما توجهت به؛ لأنه صلى
الله عليه وسلم كان في سفره يصلي على راحلته أينما توجهت به ([1]).
المسألة الثانية: إذا اشتد الخوف،
ولا يتمكن من استقبال القبلة، اشتد الخوف، ولا يتمكن من الوقوف والصلاة إلى
القبلة، فيصلي إلى الجهة التي هو هارب إليها: ﴿فَإِنۡ
خِفۡتُمۡ فَرِجَالًا أَوۡ رُكۡبَانٗاۖ﴾، فيصلي إلى الجهة التي هو
هارب إليها من عدوه، أو من الخطر؛ لأنه لو توقف يصلي إلى الكعبة، أدركه العدو،
فالله جل وعلا خفف عن عباده: ﴿فَإِنۡ
خِفۡتُمۡ فَرِجَالًا﴾؛ يعني: وأنتم تمشون أو تعدون على أقدامكم، ﴿فَرِجَالًا أَوۡ رُكۡبَانٗاۖ﴾؛ على مراكبكم، إلى
الجهة التي أنتم هاربون إليها: ﴿فَإِنۡ
خِفۡتُمۡ فَرِجَالًا أَوۡ رُكۡبَانٗاۖ فَإِذَآ أَمِنتُمۡ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ
كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمۡ تَكُونُواْ تَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة: 239]،
فهذا من تخفيف الله على عباده.
قوله رحمه الله: «إِلاَّ فِي النَّافِلَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ لِلْمُسَافِرِ، فَإِنَّهُ يُصَلِّيْ حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ»، هذه واحدة.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1105)، ومسلم رقم (700).