الشَّرْطُ الثَّالِثُ:
سِتْرُ الْعَوْرَةِ بِمَا لا يَصِفُ الْبَشَرَةَ. وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ
وَالأَمَةِ، مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَالْحُرَّةُ كُلُّهَا
عَوْرَةٌ، إِلاَّ وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا. وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقُ
بَعْضُهَا كَالأَمَةِ.
**********
الشرح
قوله رحمه الله: «الشَّرْطُ الثَّالِثُ» انتهينا من الشرط
الثاني وهو الوقت، «الشَّرْطُ الثَّالِثُ:
سِتْرُ الْعَوْرَةِ»، فلا يجوز أن يصلي الإنسان وعورته مكشوفة، ولا تصح صلاته؛
لقوله تعالى: ﴿يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ
خُذُواْ زِينَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدٖ﴾ [الأعراف: 31]؛
يعني: عند كل صلاة، فالصلاة تسمى مسجدًا، والمراد بالزينة هنا: ستر العورة، وهذا
رد على أهل الجاهلية الذين يكشفون عوراتهم في الطواف، ويطوفون عراة، ويقولون: الله
أمرنا ([1])، وجدنا عليه
أباءنا: ﴿وَإِذَا فَعَلُواْ
فَٰحِشَةٗ﴾؛ يعني: كشف العورة، ﴿قَالُواْ
وَجَدۡنَا عَلَيۡهَآ ءَابَآءَنَا﴾ تقليد، ﴿وَٱللَّهُ
أَمَرَنَا بِهَاۗ﴾، كذبوا على الله عز وجل، ولهذا قال جل وعلا: ﴿قُلۡ إِنَّ ٱللَّهَ لَا
يَأۡمُرُ بِٱلۡفَحۡشَآءِۖ﴾ [الأعراف: 28].
لم يأمر بكشف
العورة، بل أمر بسترها، لا سيما في الصلاة، فلو صلى مكشوف العورة من غير عذر،
فصلاته باطلة.
قوله رحمه الله: «سِتْرُ الْعَوْرَةِ بِمَا لا يَصِفُ الْبَشَرَةَ»، ما الذي يستر العورة؟ هو الشيء الصفيق - يعني: المتين - الذي لا يُرى من ورائه لون الجلد، أما الشفاف الذي يُرى من ورائه لون الجلد، فهذا لا يستر العورة، ولا تصح معه الصلاة.
([1]) كما في الحديث الذي أخرجه: مسلم رقم (3028).