هذا أولى؛ يكون على منبر، هذا مستحب، ولو خطب على الأرض،
لو وقف وخطب على الأرض، صحت خطبته.
قوله رحمه الله: «فَإِذَا صَعِدَ، أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ،
فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ»، ويستحب إذا صعد المنبر أن يقبل على الناس، ويسلم
عليهم، يقول: السلام عليكم ورحمة الله. هكذا كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم،
ثم يجلس، ما يصعد ويجلس فقط، لا، بل يسلم، يستقبل الناس بوجهه، ويسلم عليهم، ثم
يجلس، هذا من سنن الخطبة.
قوله رحمه الله: «ثُمَّ يَجْلِسُ إِلَى فَرَاغِ الأَذَانِ»،
أذن المؤذن الأذان - أذان الوقت - أما الأذان الأول، فلتنبيه الناس، هذا كان على
عهد عثمان رضي الله عنه الخليفة الراشد: ﴿إِذَا
نُودِيَ لِلصَّلَوٰةِ﴾ [الجمعة: 9]، المراد به: النداء الثاني؛ لأنه هو الذي
كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقت نزول الآية.
لكن لما كثر الناس في المدينة، وانشغلوا بمزارعهم وتجاراتهم، فالخليفة الثالث رضي الله عنه أمر بالنداء الأول؛ ينادي أن يستعد الناس لصلاة الجمعة، ويتركوا ما هم فيه من الزراعة والبيع والشراء وغير ذلك، فهذا من هدي الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، الأذان الأول للجمعة من هدي الخلفاء الراشدين الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ» ([1])، بعض المتعالمين الآن ينكر الأذان الأول، يقول: بدعة. بعضهم يتجرأ حتى يقول: «بدعة الأذان الأول»، وهو من فعل الخلفاء، عثمان رضي الله عنه كان في وقته كثير من المهاجرين والأنصار، ولا استغربوا هذا، ولا أنكروا عليه، حتى يجيء حثالات في هذا الوقت، ويقولون: هذا بدعة.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42).