فما صحت به صلاة الجمعة، صحت به صلاة العيد؛ لأنه لا دليل على اشتراط عدد
أكثر من العدد الذي تنعقد به الجمعة، ولا تُقام صلاة العيد، إلا كما تقام صلاة
الجمعة؛ في محل الاستيطان والاستقرار، لا تقام في البر، لا تقام في البادية، ليس
على أهل البادية صلاة عيد؛ كما أنهم ليس عليهم صلاة جمعة - كما سبق؛ لأن من شرطها
الاستقرار؛ كصلاة الجمعة.
قوله رحمه الله: «وَوَقْتُهَا: مِنِ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ
إِلَى الزَّوَالِ» وقت صلاة العيد يبدأ من ارتفاع الشمس بعد طلوعها قيد رمح،
ويمتد إلى الزوال، فإذا أدوها في هذه الأثناء، أدوها في وقتها؛ لأن النبي صلى الله
عليه وسلم خرج وصلى بعد ارتفاع الشمس، حينما بدا حاجب الشمس - كما في الحديث -
وصلاها، فهي تمتد إلى نهاية الضحى لتوسط الشمس في كبد السماء، فإذا لم يبلغهم خبر
هلال شوال، إلا بعد الزوال، فإنهم لا يصلونها في هذا اليوم، وإنما يؤجلونها إلى
الغد؛ كما في الحديث: «اخْتَلَفَ النَّاسُ
فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَقَدِمَ أَعْرَابِيَّانِ، فَشَهِدَا عِنْدَ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِاللَّهِ لَأَهَلاَّ الْهِلاَلَ أَمْسِ عَشِيَّةً،
فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ أَنْ يُفْطِرُوا»،
زَادَ خَلَفٌ فِي حَدِيثِهِ،: «وَأَنْ
يَغْدُوا إِلَى مُصَلاَّهُمْ» ([1])، فأمر النبي صلى
الله عليه وسلم الناس بالإفطار بعد الظهر - بعد الزوال - وأن يخرجوا من الغد لصلاة
عيدهم، فأجلوا صلاة العيد؛ لفوات وقتها.
قوله رحمه الله: «وَالسُّنَّةُ فِعْلُهَا فِي الْمُصَلَّى»، السنة فعلها في المصلى؛ يعني: يخرجون لها في صحراء؛ كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج لها في صحراء خارج البنيان، يظهرون لجمعهم، ويبرزون لله سبحانه وتعالى؛ لأنها شعار
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (2339)، والنسائي رقم (1557)، وابن ماجه رقم (1653).