×
شرح عمدة الفقه الجزء الأول

ومن التعزية لهم، أما هذه الولائم، وهذه الأغنام التي تذبح يومًا عند فلان، ويومًا عند فلان، هذه كلها مبتدعة، وكلها أغلال وأصار على النفس، ولا أصل لها، ولا تعطل الأعمال، ما يجوز تعطيل الأعمال لأجل موت الميت، ولا لبس السواد، ولا تنكيس الأعلام؛ مثلما يفعل الجهال، كل هذا من أمور الجاهلية، ومن الجزع، ولا يُعمل هذه الأشياء وهذه الإجراءات، قال جرير بن عبد الله رضي الله عنه: «كُنَّا نَرَى الاِجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنْعَةَ الطَّعَامِ مِنَ النِّيَاحَةِ» ([1])، كان الصحابة رضي الله عنهم يعدون هذا من النياحة، هذا الاجتماع؛ أن يفتح الباب، وتفرش الطرق، ويضع مباشرين للناس؛ خدمًا وناسًا يباشرون، أو أهل البيت، كلهم يشتغلون، يركضون، يقدمون، ويستقبلون، كل هذا ما له أصل، هذا ما له أصل؛ خلاف السنة.

قوله رحمه الله: «وَيُسْتَحَبُّ تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمَيِّت»، انظر! يستحب، ليست واجبة، التعزية ليست واجبة.

قوله رحمه الله: «وَالْبُكَاءُ غَيْرُ مَكْرُوْهٍ، إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ نَدْبٌ وَلا نِيَاحَةٌ»، يحرم النياحة على الميت، وهي تعداد محاسن الميت، ومدحه، وتعداد محاسنه، وما أشبه ذلك، هذا من النياحة، لا يجوز، إنما الدعاء له، أو يخبَر الناس بموته؛ لأجل أن يدعوا له، لا بأس، فهذه الإجراءات التي تتخذ للعزاء، أما النياحة على الميت، فهي من أمور الجاهلية، وفي الحديث: «المَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ» ([2])، فهذا فيه ضرر على الميت، وأشد من هذا لطم الخدود، وشق الجيوب،


الشرح

([1]أخرجه: ابن ماجه رقم (1612)، وأحمد رقم (6905).

([2]أخرجه: البخاري رقم (1291).