×
شرح عمدة الفقه الجزء الأول

وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي قَدْ بَلَغَ بِي مِنَ الوَجَعِ وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلاَ يَرِثُنِي إِلاَّ ابْنَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: «لاَ» فَقُلْتُ: بِالشَّطْرِ؟ فَقَالَ: «لاَ» ثُمَّ قَالَ: «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَبِيرٌ - أو كَثِيرٌ - إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي؟ قَالَ: «إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلاً صَالِحًا إِلاَّ ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً، ثُمَّ لَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ، وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَِصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، وَلاَ تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، لَكِنِ البَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ» يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ ([1]). وشفى الله سعدًا من هذا المرض، وكثر ماله وأولاده، يقول: إنه ليس له إلا بنت، وصار له أولاد، الحاصل: أن هذه أحكام الوصية: تكون بالثلث فأقل، لمن كان عنده مال كثير، أما من ماله قليل، فلا يضيق على الورثة، وله الأجر في ذلك، «إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ»، فله الأجر في ذلك إذا وسع على ورثته.

قوله رحمه الله: «وإذا تُيُقِّنَ مَوْتُهُ، غُمِّضَتْ عَيْنَاهُ»، المريض يُؤنس، يزوره ويؤنسه، ويقول: ما شاء الله، اليوم طيب، وأنت أحسن من أمس، يوسع عليه، ما يقول له: أنت أصفر اليوم، قاربت أن تموت. ما يجوز أن يروع المسلم، بل يوسع له، يقول: ما شاء الله، طيب إن شاء الله، أبشر بالشفاء. وما أشبه ذلك، لكن يذكره بالوصية، يقول له: الوصية لا تدل على الموت، يوصي الإنسان وهو صاحٍ،


الشرح

([1]أخرجه: البخاري رقم (1295)، ومسلم رقم (1628).