قوله صلى الله عليه وسلم: «فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ»، مع
أنهم يعلمون أن لا إله إلا الله، ويقولونها أيضًا، ولكنهم يشركون، يقولون: المسيح
ابن الله، ويعبدونه ﴿ٱتَّخَذُوٓاْ
أَحۡبَارَهُمۡ وَرُهۡبَٰنَهُمۡ أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسِيحَ ٱبۡنَ
مَرۡيَمَ وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُوٓاْ إِلَٰهٗا وَٰحِدٗاۖ لَّآ
إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ سُبۡحَٰنَهُۥ عَمَّا يُشۡرِكُونَ﴾ [التوبة: 31]، فهم
يحتاجون إلى دعوة؛ ليصححوا دينهم وإسلامهم، ولا يبقوا على النصرانية؛ «فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ، فَأَعْلِمْهُمْ
أَنَّ اللَّهَ عز وجل افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ: خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ
وَلَيْلَةٍ»، الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي فرض لكل مسلم على
الأعيان، فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، تأتي بعد الشهادتين، ودل على أنه
لا يُدعى إلى الصلاة، حتى تُصحح العقيدة؛ شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا
رسول الله. أما من عنده شرك، فإنه يُدعى إلى التوحيد أولاً، فإذا وحّد الله، يؤمر
بالصلاة، هذا فيه الدعوة بالتدريج.
هذا محل الشاهد: «فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ عز وجل قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً ْ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُوضَعُ فِي فُقَرَائِهِمْ»، بيّن من تجب عليه، ومن تجب له؛ تجب على الأغنياء، والغني: الذي يملك نصابًا - كما يأتي - والزكاة تسمى صدقة، ﴿خُذۡ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡ صَدَقَةٗ تُطَهِّرُهُمۡ وَتُزَكِّيهِم بِهَا﴾ [التوبة: 103]، فالزكاة تسمى صدقة، لكنها صدقة واجبة، ركن من أركان الإسلام؛ وهي الركن الثالث من أركان الإسلام: «تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُوضَعُ فِي فُقَرَائِهِمْ»، فهي مواساة من الأغنياء للفقراء.